كتاب : الفلسفة في الحاضر تاليف : آلان باديو _ سلافوي جيجك

    الكاتب: بلقاسم شعباني القسم: »
    تصنيف


    عقدٌ كاملٌ من السنوات (هو العقد الأخير من القرن العشرين) يفصل بين بدايتَيْ انتشار اسمَيْ آلان باديو وسلافوي جيجك عالميًا، بالرغم من الأعمال المهمة «القديمة» لكلٍّ منهما، أي «المرحلة الفرنسية» لـ باديو، و»المرحلة السلوفينية» لـ جيجك، إذا جاز القول، إذ إن باديو كان ولا يزال يكتب بالفرنسية، فيما انتقل جيجك بشكلٍ كاملٍ تقريبًا للكتابة بالإنكليزية (فيما عدا مقالات أو فصول في كتب تصدر بلغات متعددة كالسلوفينية والألمانية والفرنسية).

    ويمكن القول بأن انتشارهما تزايد بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر وصولاً إلى الأزمة المالية في العام 2008؛ حيث أُعيدت طباعة عددٍ من أعمالهما (لا سيما باديو)، بخاصة بعد ظهورهما المتكرر في المؤتمرات واللقاءات الإعلامية تأكيدًا على فكرة «انتهاء الرأسمالية»، بل والتّنظير لعودة الشيوعية؛ حيث يرى جيجك، خصوصًا في كتابه بدايةً كتراجيديا ثمّ كمهزلة (2009)، بأن العام 2001 هو عام «بداية النهاية لليوتوبيا الرأسمالية» (في تراجيديا أحداث أيلول/سبتمبر) التي واصلت الانحدار وصولًا إلى خاتمتها (في الأزمة المالية للعام 2008 «المهزلة») معيدًا بذلك تسليط الضوء على أعمال ماركس ونظرياته المناقضة للرأسمالية، شأنه في ذلك شأن مفكّرين ماركسيين آخرين مثل فريدريك جيمسون وتيري إيغلتون، عدا عن المؤرّخ الراحل إريك هوبزباوم. وبالتأكيد، لا تقتصر أهمية باديو وجيجك على الجانب السياسيّ، إذ إن لكلٍّ منهما أعمالاً نظرية في الفلسفة تعدّ من أهم ما كُتب في الحقل النظريّ والنقد الثقافيّ منذ حقبة السبعينات، كانت ولا تزال تثير الكثير من الجدال بشأن تأويلاتها ونقضها لمعظم الأفكار السائدة في الحقول الفلسفية والثقافية والسياسية.

    ولد آلان باديو في مدينة الرباط المغربية في العام 1937. وكان ناشطًا سياسيًا منذ وقت مبكّر، إذ هو أحد المؤسسين للحزب الاشتراكيّ الموحّد في فرنسا PSU الذي كان له نشاطٌ كبير في الدعوة لوجوب إنهاء الاحتلال الكولونياليّ الفرنسيّ للجزائر. وبعد انتفاضة الطلاب في أيار/مايو 1968 انتقل باديو إلى أقصى اليسار حيث أسّس (مع سيلفان لازارو وآخرين) اتحاد شيوعيّي فرنسا الماركسية اللينينية. أما في الوسط الأكاديميّ فقد تنقّل من مدرسة المعلّمين العليا (ENS) إلى جامعة باريس 8 فانسان سان دوني، التي كانت تعدّ معقلاً لـ “الثقافة المضادة”، حيث خاض مناظرات وجدالات حادة مع زميليه: جيل دولوز وجان – فرانسوا ليوتار. ومع اقتراب الثمانينات من نهايتها، وتدني قوة التيار السياسيّ اليساريّ، عاد باديو للانهماك في كتابة مؤلَّفاته الفلسفية النظرية، بخاصة بعد أن كادت الساحة الفلسفية الفرنسية (والأوروبية) تفرغ بعد وفاة جاك لاكان وإدخال لوي آلتوسير إلى مصح نفسيّ، وكانت ثمرة نتاجه في الثمانينات عدة كتب أهمها كتاباه نظرية الذات (1982)، وكتابه المرجعيّ الأهم الكينونة والحدث (1988)، من دون أن يتخلّى باديو عن همومه السياسية النضالية وأفكاره. ومع بداية القرن الواحد والعشرين، أصبح باديو في دائرة الضوء بعد ترجمة معظم أعماله القديمة إلى الإنكليزية، وظهور مقالات/فصول من كتبه في دورياتٍ يسارية بارزة مثل لاكانيان إنْك ونيو لفت ريفيو، ثم صدرت (ولا تزال) كتب عديدة عنه لدراسة فلسفته الأقرب إلى الأفلاطونية وأفكاره اليسارية الراديكالية.

    l

    ضع تعليق